المحكمة الخاصة بلبنان: لا دليل على ضلوع حزب الله وسوريا في اغتيال الحريري
قالت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اليوم إنه لا يوجد دليل على ضلوع قادة في حزب الله وسوريا على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
وأكدت المحكمة -خلال جلسة الحكم على المتهمين في القضية- أنه تم تنفيذ الهجوم نفذ بـ2015 كيلوغرام من المتفجرات، مضيفة “اعتمدنا على اتصالات الهواتف الخلوية للوصول إلى المتهمين”.
ويتابع المتهمون الأربعة، وهم سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا، باتهامات عدة أبرزها “المشاركة في مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، والقتل عمدا، ومحاولة القتل عمدا”.
ويواجه المتهمون، إذا تمت إدانتهم، احتمال السجن المؤبد. ويُتلى حكم العقوبة في جلسة علنية منفصلة عن جلسة النطق بالحكم.
وتتهم المحكمة عياش (56 عاما)، الذي قالت إنه مسؤول عسكري في حزب الله، بقيادة الفريق المُنفّذ للعملية، في حين يحاكم كل من عنيسي (46 عاما) وصبرا (43 عاما) بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف يدّعي المسؤولية نيابة عن جماعة وهمية. ووُجهت لمرعي (54 عاما) اتهامات بالتورط في العملية.
وكان من المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها يوم 7 من الشهر الجاري، لكنها أجّلته بسبب انفجار مرفأ بيروت الذي وقع يوم 4 أغسطس/آب الجاري، وأدى إلى سقوط ما لا يقل عن 177 قتيلا وأكثر من 6500 جريح، إضافة إلى دمار هائل في عدد من أحياء المدينة.
حكم غيابي
وبعد نحو 13 عاما على تأسيسها بموجب مرسوم صادر عن الأمم المتحدة، تنطق المحكمة بحكمها غيابيا بحق المتهمين الأربعة، وهم أعضاء في حزب الله اللبناني، في قضية غيّرت وجه لبنان ودفعت لخروج القوات السورية منه بعد 30 عاما من الوصاية الأمنية والسياسية التي فرضتها دمشق.
وحضر سعد الحريري نجل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق جلسة النطق بالحكم التي عقدت في الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش في لايدشندام قرب لاهاي.
وأعرب الحريري في بيان أصدره في أواخر يوليو/تموز الماضي عن أمله في أن يكون صدور الحكم “يوما للحقيقة والعدالة من أجل لبنان”.
وتُعد هذه المحكمة، التي من المفترض أن تُطبق القانون الجنائي اللبناني، بحسب موقعها الإلكتروني، “الأولى من نوعها في تناول الإرهاب كجريمة قائمة بذاتها”، وكلفت منذ تأسيسها 600 مليون دولار، دفع لبنان الغارق في أزمة اقتصادية جزءا منها.
وقتل رفيق الحريري يوم 14 فبراير/شباط 2005 في تفجير استهدف موكبه مقابل فندق سان جورج العريق وسط بيروت، وأودى بحياة 21 شخصا آخرين، وأصيب فيه 226.
تهم قد تقود للمؤبد
وأوضح متحدث باسم المحكمة أنه “إذا كان الشخص المدان طليقا وغير حاضر عند تلاوة الحكم والعقوبة، تصدر غرفة الدرجة الأولى مذكرة توقيف بحقه”.
ولا يعني النطق بالحكم أو العقوبة انتهاء عمل المحكمة كونها فتحت قضية أخرى العام الماضي، موجهة تهمتي “الإرهاب والقتل” لعياش في ثلاث هجمات أخرى استهدفت سياسيين بين عامي 2004 و2005.
وخلال المحاكمة، قال الادعاء إنه جرى اغتيال الحريري كونه كان يشكل “تهديدا خطيرا” للنفوذ السوري في لبنان، الذي تنخره الانقسامات الطائفية والسياسية وترتبط قواه السياسية بدول خارجية.
موقف حزب الله
ويقر المدعون بأن القضية تعتمد على أدلة “ظرفية”، لكنهم يجدونها مقنعة وتعتمد أساسا على تسجيلات هواتف خلوية، قالوا إنها تبين مراقبة المتهمين للحريري منذ استقالته من منصبه عام 2004 وحتى الدقائق الأخيرة قبل التفجير.
ورفض حزب الله تسليم المتهمين، ونفى الاتهامات الموجهة إليهم، مؤكدا عدم اعترافه بالمحكمة، التي يعتبرها “مسيسة”.
وقال الأمين العام للحزب حسن نصر الله الجمعة إن حزبه سيتعامل مع القرار الذي ستصدره المحكمة “وكأنه لم يصدر”.
وأضاف في كلمة متلفزة في الذكرى السنوية لانتهاء حرب يوليو/تموز مع إسرائيل عام 2006، “إذا حُكم على أي من إخواننا بحكم ظالم، كما هو متوقع، نحن متمسكون ببراءة إخواننا”، مؤكدا أن “القرار الذي سيصدر بالنسبة إلينا كأنه لم يصدر (…) لأن القرار صدر منذ سنوات طويلة”.
وأضاف “بالنسبة لقرار المحكمة الدولية أيا كان، نعتبر أنفسنا غير معنيين”. وحذر من أن “هناك من سيحاول استغلال المحكمة الدولية (…) لاستهداف المقاومة وحزب الله”، داعيا مناصريه إلى “التحلي بالصبر” في الشارع بعد صدور القرار.
محكمة مختلطة
وأُنشئت المحكمة يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2005 بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة. وتوصل لبنان والأمم المتحدة إلى اتفاق بشأن المحكمة جعلته المنظمة الدولية نافذا من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي قرارا برقم 1757.
ودخل قانون إنشاء المحكمة حيز التنفيذ يوم 10 يونيو/حزيران 2007، وعقدت أولى جلساتها العلنية بلاهاي في مارس/آذار 2009.
وتضم المحكمة قضاة لبنانيين ودوليين، وليست تابعة للأمم المتحدة ولا جزءا من النظام القضائي اللبناني، غير أنها تقضي بموجب قانون العقوبات اللبناني. وتتألف من أربعة أجهزة، هي: الغرف، والادعاء، ومكتب الدفاع، وقلم المحكمة، وفقا لموقعها الإلكتروني.