غارديان: مقامرة ميركل بقبول المهاجرين في ألمانيا آتت ثمارها
قالت صحيفة غارديان البريطانية (The Guardian) إن القرار الذي اتخذته مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل قبل سنوات بالسماح للمهاجرين غير النظاميين بالدخول إلى بلادها كان مقامرة لكنها آتت ثمارها.
وعندما ازدادت أعداد المهاجرين العابرين إلى أوروبا قبل 5 سنوات -بحسب الصحيفة- أطلقت ميركل عبارتها الشهيرة قائلة “سنتدبر الأمر”، فيما اعتبر منتقدوها قرارها ذاك “خطأ فادحا”، لكنها أثبتت أنها على حق في ما ذهبت إليه.
وروت الصحيفة في مقال لمدير مكتبها في برلين فيليب أولترمان قصة لاجئ سوري يدعى محمد هلق حقق نجاحا باهرا عقب لجوئه إلى ألمانيا.
وعزت الصحيفة نجاح الشاب السوري (21 عاما) القادم من مدينة حلب إلى تمكنه من إتقان اللغة الألمانية في وقت وجيز، وهو الآن يدرس علوم الحاسوب في جامعة وستفاليا للعلوم التطبيقية، ويطمح لأن يصبح رجل أعمال في مجال تكنولوجيا المعلومات.
خامس أكثر دولة باستقبال اللاجئين
غير أن غارديان لا تعتبر هلق يمثل جميع من تقدموا بطلبات للحصول على حق اللجوء إلى ألمانيا بين عامي 2015 و2019 والبالغ عددهم 1.7 مليون شخص، وهذا العدد يضع ألمانيا في المرتبة الخامسة في قائمة الدول الأكثر استقبالا للاجئين بالعالم.
وبحسب المقال، فقد أتقن أكثر من 10 آلاف شخص قدموا إلى ألمانيا لاجئين منذ عام 2015 لغة البلاد إلى الحد الذي مكنهم من دخول جامعاتها، وما يزيد على نصف هؤلاء حصلوا على عمل ويدفعون الضرائب.
إن قصص نجاح اللاجئين مثل تلك التي كان بطلها محمد هلق أعادت التفاؤل لميركل، والذي عبرت عنه في عبارتها الشهيرة تلك قبل 5 سنوات من الآن، وهي العبارة التي يرى كاتب المقال أنها كادت تفقدها منصبها، بل وتراجعت جزئيا عنها.
ألمانيا دولة قوية
فقد قالت ميركل في مؤتمر صحفي عقدته في برلين في 31 أغسطس/آب 2015 “أقولها بكل بساطة إن ألمانيا دولة قوية”، وذلك في محاولة منها لتبديد المخاوف من ازدياد تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى بلدها، ومعظمهم من سوريا والعراق وأفغانستان.
وبحسب غارديان، فقد أصبحت عبارة ميركل “سنتدبر الأمر” قولا مأثورا ظل يتردد في مختلف الأروقة في بلدها، واعتبر البعض تلك العبارة رسالة مفعمة بالتفاؤل شجعت ملايين آخرين من المهاجرين لارتياد المخاطر وركوب البحر الأبيض المتوسط للعبور إلى أوروبا.
سنتدبر الأمر
وبحلول 2017 كان الرأي السائد أن عبارة “سنتدبر الأمر” ستكون وبالا على ميركل، حتى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبرها “خطأ كارثيا” في تصريح له في يناير/كانون الثاني في تلك السنة.
من جانبه، وصف زعيم حزب “استقلال المملكة المتحدة” السابق نايجل فاراج -في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية- ما أقدمت عليه ميركل في ما يتعلق بقضية المهاجرين بأنه “أسوأ قرار يتخذه زعيم أوروبي في التاريخ الحديث”، مضيفا أن المستشارة الألمانية “قد انتهت”.
لكن غارديان ترى غير ذلك في مقال مدير مكتبها ببرلين، ففي رأي الصحيفة أن ميركل تجلس اليوم على قمة أكبر اقتصاد في أوروبا، وأن شعبيتها عادت إلى مستواها الذي كانت عليه في 2015، وأن استطلاعات الرأي عززت الثقة في حزبها (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) إلى مستويات قياسية، بفضل تعاملها مع جائحة فيروس كورونا المستجد.
توقف العمليات “الإرهابية”
وووفق غارديان فقد تراجع في السنوات الأخيرة شبح “الإرهاب الجهادي” الذي كان البعض يخشى من أن أزمة اللاجئين ستؤذن بوصوله إلى قلب وسط أوروبا، ذلك أنه بعد سلسلة من 7 هجمات في 2016 لم تتعرض ألمانيا لمزيد من العمليات من ذلك النوع طوال الأعوام الثلاثة الماضية.
وتزعم الصحيفة أن دافع الهجمات السبع تلك كان إسلاميا، وبلغت ذروتها في إقدام سائق شاحنة على اقتحام سوق لأعياد الميلاد في برلين في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام.
وأشارت الصحيفة إلى أن معدلات الجريمة في ألمانيا بدأت في الانحسار بحلول عام 2017 بعد أن سجلت ارتفاعا قياسيا في السنوات بين 2014 و2016، بحسب مكتب التحقيقات الجنائية الاتحادي الذي ربطها في ذلك الحين بتدفق المهاجرين إلى البلاد.
وتنقل غارديان في ختام تقريرها عن المسؤولة عن دمج المهاجرين كاترينا نيفيدزيال قولها إن ألمانيا قد تمكنت من تدبر الأمر، واصفة ذلك بأنها “قصة نجاح حتى لو لم يملك أحد الثقة في أن يصرح بذلك بعد”.