حريق موريا يعيد للواجهة أزمة اللاجئين في أوروبا
أمضى آلاف من طالبي اللجوء ليلتهم الثالثة في العراء بالقرب من مخيم موريا الذي دمره حريقان، حيث تواجه حكومة اليونان صعوبات في مساعدتهم، بينما أعلنت برلين أن ١٠ من دول الاتحاد الأوروبي ستستقبل 400 قاصر منهم.
وبعد حريق المخيم الواقع في جزيرة ليسبوس اليونانية عززت الشرطة وجودها ومنعت مهاجرين من الوصول إلى ميناء قريب، في حين انتشرت فرق الإنقاذ في المكان.
وألقى مسؤولون يونانيون باللوم على المهاجرين في اندلاع الحرائق التي نشبت بعدما ثبتت إصابة 35 شخصا بفيروس كورونا المستجد، وأجبروا على الخضوع لإجراءات العزل.
ودفعت محنة العائلات التي تقطعت بها السبل الدول الأوروبية الأخرى إلى عرض استقبال مئات من طالبي اللجوء، لا سيما الشباب غير المصحوبين بذويهم.
وفي إشارة للإحباط المتزايد، نظّم المئات من اللاجئين وقفة احتجاجية على الطريق بين مخيمهم المتفحم وبلدة قريبة، حاملين لافتات كتب عليها “نريد الحرية” و”لا نريد مخيما جديدا”.
ومخيم موريا واحد من عشرات المخيمات التي أقيمت في اليونان بعد تدفق المهاجرين إلى أوروبا في العام 2015، وكان يعاني من اكتظاظ شديد إذ يؤوي عددا يعادل ٤ أضعاف قدرته الاستيعابية، وبات مصدر استياء للسلطات والسكان في الجزيرة.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن حكومته ستعيد بناء المخيم.
لكن سكان الجزيرة أقاموا حواجز على الطرق قرب المخيم المحترق لوقف محاولات تنظيف الموقع وإعادة توزيع طالبي اللجوء في أماكن أخرى.
وفي حين لم يصب أحد بجروح خطيرة في الحرائق، دمرت النيران الثلاثاء الجزء الرسمي من المخيم حيث يعيش ٤ آلاف شخص. كذلك دمر حريق آخر الأربعاء معظم الأجزاء المتبقية من المخيم حيث كان يعيش ٨ آلاف شخص آخرين في خيام وأكواخ خشبية.
وأرسلت عبّارات إلى الجزيرة لتوفير مكان لنوم المهاجرين.
اليونان تشكو
ولطالما اشتكت اليونان من أن شركاءها في الاتحاد الأوروبي لم يفعلوا الكثير للمساعدة منذ أن أصبح هذا البلد واحدة من البوابات الرئيسية إلى أوروبا بالنسبة للمهاجرين وطالبي اللجوء في العام 2015.
وانهار نظام اللجوء على مستوى الاتحاد الأوروبي تحت ضغط مئات آلاف الوافدين، بحيث لم تقبل دول أوروبية أخرى سوى عدد قليل من اللاجئين وتُرك الآلاف في المخيمات اليونانية.
وطالب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس الجمعة بمشاركة “فعّالة” من الاتحاد الأوروبي في استضافة آلاف من اللاجئين.
وقال بعد لقاء مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغاريتيس سكيناس “سنناقش المشاركة الأوروبية القصوى في هذه الجهود. التضامن الأوروبي لا يمكن حصره في إدارة أزمة”.
ومن جانبه، أعلن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر اليوم الجمعة أن ١٠ دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ستستقبل نحو 400 مهاجر قاصر لا يرافقهم بالغون تم إجلاؤهم من جزيرة ليسبوس.
وقال إن “اتصالاتنا مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سمحت بالتوصل إلى مشاركة ١٠ منها في نقل” هؤلاء القاصرين، موضحا أن كلا من ألمانيا وفرنسا ستتكفل بما بين ١٠٠ و150 من هؤلاء الأطفال.
وكانت ألمانيا دعت إلى مزيد من التضامن في أوروبا، واتفقت مع فرنسا الخميس على مبادرة لدول الاتحاد الأوروبي لتقاسم نحو 400 طفل وشاب تم إجلاؤهم من المخيم.
وعرضت هولندا وفنلندا استقبال بعض المهاجرين الشباب.
وأضاف “في الساعات القليلة المقبلة، ستكون هناك سفن يمولها الاتحاد الأوروبي لتوفير المأوى للضعفاء والمحتاجين لمساعدة أكثر من غيرهم”.
وتعيش العديد من العائلات اليائسة دون خيام أو فراش، مما جعلها تقيم ترتيبات نوم مؤقتة على جوانب الطرق.
الجوع والعطش
وتقول فاطمة الهاني وهي سورية من دير الزور “خسرنا كل شيء”. وتضيف وهي تحمل طفلها البالغ من العمر سنتين “تركنا لمصيرنا بلا طعام ولا ماء أو دواء”.
وقالت طالبة اللجوء الكونغولية باتريسيا بوب وهي جالسة على جانب الطريق “إننا نعاني هنا منذ ٣ أيام. نحن نعاني الجوع والعطش وليست لدينا مراحيض”.
وشددت الحكومة اليونانية قيودها في ما يخص اللجوء وشروط الإقامة وخفضت المخصصات النقدية في محاولة لوقف تدفق المهاجرين.
كذلك أقرت الحكومة قانونا يهدف إلى الحد من وصول المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية إلى المخيمات وتعزيز السيطرة الرسمية.
وقال بعض العاملين في المنظمات غير الحكومية إنهم اضطروا للاختباء عن القوات الأمنية أثناء مساعدة المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل بسبب القواعد الجديدة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أطلق ناشطون “لا تتركوا أحدا خلفكم”، في دعوة للدول الأوروبية التي وافقت على استقبال جزء من اللاجئين الذين باتوا بلا مأوى بعد حريق مخيم موريا.
وطالبوا الحكومات الأوروبية بالتوزيع العادل للاجئين دون ترك أحد في المخيم.