كتاب وآراء

لماذا رمت أميركا ثقلها على كرد سوريا وخذلت (مؤقتا) أصدقاءها من كرد العراق؟

18-2-2018  وفيق السامرائي

كاتب ومحلل سياسي استراتيجي

لماذا رمت أميركا ثقلها على كرد سوريا وخذلت (مؤقتا) أصدقاءها من كرد العراق الأكثر تمسكا بالاستقلال؟
وهل تم احتواء الاستراتيجية الإيرانية؟

أيها الأحبة المتابعون، إنني واثق تماما من قدرتكم على قراءة تفصيلات مسار ومؤديات أحداث المنطقة بامتياز كأنكم تقرأون كتابا مفتوحا، حتى لو تطلب ذلك تجزأة مراحل التقييم والتحليل، فلا أحد أكثر قدرة منكم على استنتاج الحقائق من المناطق المظلمة.
مع ذلك سأسطر لكم ملاحظات:
الأميركيون ودول خليجية، وحتى تركيا قبل تغيير استراتيجيتها، كانت قلقة جدا من وصول الحشد الى تلعفر، لأنه (كما يظنون) يمثل امتدادا لإيران، ووصوله الى هناك يفتح طريق إيران إلى البحر المتوسط ولبنان، وهذا تقدير أظن قد بولغ فيه كثيرا. فأوجد الأميركيون مراكز لهم في منطقة الوليد غرب العراق، وبما أن الحدود طويلة وتصعب السيطرة عليها بقوات أميركية، ونظرأ لأن الجنرال سليماني فاجأهم بحضوره شخصيا في مدينة البوكمال السورية قائدا لموجة تحريرها من الدواعش، فقد باتت استراتيجية فصل الساحتين السورية والعراقية محكومة بفشل واضح.
إذن ماذا؟
لجأوا الى قادة كرد سوريا ورفاقهم من كرد تركيا، عن طريقهم، وصرفوا لهم مئات ملايين الدولارات وفتحوا لهم ترسانة أسلحتهم فساعدوهم على تكوين قوة ضاربة بامداد علني تحت غطاء محاربة داعش (في البداية). وهذا ما أثار غضب اردوغان.
الوجود الأميركي بات يشغل ثلث مساحة سوريا تماما في شمال الشرق، وفيه كل النفط السوري، من خلال القوات الكردية وبدعم جوي علني ومباشر وقوي ضد كل من يستهدفهم. ففرض الأميركان وجودهم من شمال تلعفر الى مسافة قريبة من القائم غرب العراق ولم تتبق إلا منطقة منفذ الوليد التي لهم فيها وجود بشكل (وآخر) فأوشكت استراتيجية العزل أن تنجح، لكن هل سيستمر الوضع هكذا؟
(شخصية خليجية بارزة قريبة جدا من الرئاسة التركية) روت لي قصة تصميم اردوغان على كسر المشروع الأميركي الكردي.
استنزاف الروس في سوريا لم يعد ممكنا ولا مؤثرا كما حصل للاتحاد السوفيتي في ثمانينات أفغانستان. واستنزاف الأميركيين لن يكون فعالا لقلة وجودهم، والقواعد التركية في إقليم كردستان لن تبقى آمنة، لكن الضحايا سيكونون كردا.
دعم دعاة الاستقلال من كرد العراق صفحة مؤجلة (ميدانيا)؛ لأن أميركا ليست قادرة على مجابهة استنفار إيران وتركيا والعراق وسوريا وروسيا معا. وتذكروا أنها صفحة تقسيم مؤجلة.
هل سينجح الأميركيون؟
الجواب: سيواجهون متاعب كبيرة جدا…، ولايزال المشوار طويلا ويتطلب استراتيجية عراقية محددة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى