صوت و صورةكتاب وآراء

هل يمكن تحسين حالة البحث العلمي في مصر؟

هاني الحسيني*
=========================
أولاً: البحث العلمي في مصر ليس معدوماً، هناك البعض الذين يقدمون أبحاثاً جادة وعلى مستوى راق. لكن الحالة ليست أيضاً جيدة. الظواهر السيئة يمكن تلخيصها في:
1- شيوع الإهمال، فهناك الكثير من المشتغلين رسمياً بوظائف البحث العلمي ولا يقومون بواجباتهم البحثية. طبعاً لديهم الكثير من الأعذار الحقيقية وأولها ضعف الرواتب وقلة التمويل للأبحاث.
2- شيوع النصب والاحتيال، فهناك انتشار لسرقة الابحاث، وتكرارها، وفبركة النتائج، بالذات في البحوث العملية والحقلية والاكلينيكية. الأعذار أيضاً موجودة وحقيقية وإن كانت أقل وجاهة من حيث تبريرها للأفعال: صعوبة إجراء الأبحاث الحقلية والاكلينيكية وسوء حالة المعامل وفرض عدد معين من الابحاث للترقية … إلخ.
3- ضعف أو انعدام العلاقة بين البحث العلمي وبين الصناعة والخدمات والمجتمع. الواقع انه لا توجد صناعة تطور منتجات في مصر بشكل حقيقي، وبالتالي فلا تتجه الشركات الصناعية لجهات البحث إلا لحل مشكلات تتعلق بالصيانة. ربما يستثنى من ذلك صناعة البرمجيات.
4- عدم الاستمرارية، فحتى النماذج الناجحة ترتبط بشخص معين وتنحدر فور غيابه (بالإعارة أو التقاعد أو الوفاة).

هذه “ظواهر” أو أعراض. ونحتاج أولاً لمناقشة أسبابها. في رأيي ومن واقع معايشتي فالأسباب يمكن تحديدها ب:
1- التمويل : سواء كان من جهة مرتبات الباحثين أو التمويل المباشر للبحث العلمي.
2- الإدارة : والتي يسيطرعلى قمة الهرم فيها في الغالب أشخاص ليسوا من أصحاب الباع في البحث العلمي (ولا الكفاءة الإدارية)، ولا يوجد نظام إداري متماسك تحت تلك القمة.
3- عقلية الباحثين : فنسبة كبيرة منهم تتخذ البحث مجرد وظيفة لا يهتمون بها إلا من حيث الأمان الوظيفي والمادي والبرستيج الاجتماعي الذي توفره.

هل يمكن التغلب على هذه الأمراض؟

التمويل قضية أولوبات دولة. ليس فقط الموازنة الحكومية وإنما حتى القطاع الخاص لا يضع البحث والتطوير في مكانة عالية. لن تحل هذه المسألة إلا بقرار فوقي.
الموجودون في قمة هرم الإدارة في الجامعات ومؤسسات البحث العلمي معينون بقرارات لم تأخذ في الاعتبار سوى أنهم مطيعون ومأمونو الجانب. ليس من المنتظر تغير ذلك في القريب العاجل. لكن من الممكن التوافق على وضع إدارة وسيطة تدير البحث العلمي فعلياً، لإتمام ذلك نحتاج إلى “الهيكلة”. هيكلة الأقسام العلمية لإعادة المعنى لمسمى “أستاذ”، وهيكلة نظم البحث من خلال خلق وضع رسمي للمجموعات أو الفرق البحثية.
يمكن تطوير عقليات الباحثين من خلال إدارة نقاش حقيقي بلا محاذير حول أهداف العمل ومطالبة الباحثين بكتابة مشاريع حقيقية للحصول على تمويل. كتابة الأهداف وتفصيل خطوات العمل يعيد إلى الباحث الاهتمام بالصورة الكلية للبحث العلمي. كما أن الشفافية في توجيه التمويل وإدارة نقاش حقيقي بلا محاذير بين الباحثين وبعضهم يظهر أصحاب الفكر ويضع أصحاب التسلق الوظيفي في مكانهم.

سأترك الموضوع الآن معلقاً دون طرح التفاصيل، وذلك بهدف اختبار ذلك التشخيص ورؤوس الموضوعات والتعرف على أفكار مختلفة بخصوصها … فهيا إلى التعليقات.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى