صوت و صورةمقابلات

جعفر البكلي للصباحية: الصحافة تحتاج إلى مناخ من الحرية، والاستنارة، والنزاهة والمعرفة… وبغياب هذه الأسس تفقد رسالتها وسلطانها ومصداقيتها

جعفر البكلي كاتب صحفي مقل، لكن كتاباته عبارة عن قصص صحفية تشبه إلى حد بعيد التحف الأدبية الفريدة في صياغتها وحبكتها وسلاستها ومادتها المعرفية وتحليلاتها، يجمعها البكلي بأسلوب مشوق ومثير معتمداً على حقائق ومواد تاريخية، غالبا ما يتم تجاهلها في الثقافة العربية السلطوية إلى حد بعيد. وهو فوق ذلك يتمتع برفيع أخلاق وتواضع مدهش ونتاجات أكاديمية وصحافية متخصصة. الصباحية اغتنمت الفرصة لإجراء الحوار التالي الوجيز معه.

سيرة ذاتية

جعفر البكلي هو أكاديمي تونسي،

وأستاذ اللغة والآداب العربية،

وباحث في مسائل التاريخ والحضارة الإسلامية،

وصحافيّ في جريدة “الأخبار” اللبنانية

46834C65-DE61-4703-8DE5-B3E122A0CAFD

حوار: د. رياض محمد الأخرس

أسلوب الكتابة:

هناك اسلوب مميز لحضرتك في كتابتك للمقالات، هل يمكن ان تحدثنا عنه، وعن سر اختيارك له؟

أنا لا أكتب مقالات بالصيغة التقليدية الدارجة في الصحافة العربية، والقائمة على تحليل الأخبار، وإبداء الرأي فيها. وأسعى دائما في كتاباتي إلى التقليل من مظاهر التعقيد، والابتعاد عن التنظير، وتجنب الوعظ. لذلك فإنّ معظم ما أكتبه لا يتضمن أسلوبا خطابيا مباشرا، بل يعتمد على سرد الوقائع، وتفصيل الأحداث، وجمع المشاهد المعبّرة. كما أحاول أن أصوغ أسلوبا في الكتابة الصحفية يجمع بين السرد القصصي السلس، والاستلهام من وقائع التاريخ المعاصر وعِبره، من أجل تزويد القارئ بمادة معرفية أوسع، وفهم أشمل للعلاقات السياسية القائمة في عالمنا. وبذلك تصبح القصة التي أكتبها جزءً مكمّلاً، وخلفية لرواية أوسع عن أحوال واقعنا الراهن. وأظنّ أنّ القارئ العربي يحتاج دائما إلى أن يفهم تاريخه لينمّي إدراكه، وفهمه، ووعيه بمجريات الأحداث الحالية في اوطاننا، ومساراتها المستقبلية.

 

تعقيبا على قراءاتك والكتب الكثيرة التي أثرت في تكوينك وخصوصا لجهة الأسلوب والطريقة في الكتابة هل يمكن أن تذكر لنا أسماء الأكثر تأثيرا عليك؟

الكاتب الذي كان أكثر تأثيرا عليّ، فهو الأستاذ محمد حسنين هيكل رحمه الله.

 

خطوات الكتابة:

هل يمكن ان تحدثنا عن خطوات كتابتك لمقالاتك الى ان تخرج للطبع؟

تحتاج كتابة قصة صحفية، ورواية أحداثها وجزئياتها إلى الرجوع إلى مصادر مختلفة ومتنوعة. وأنا لا أكتب عن حادثة دون أن أجمع تفاصيلها الدقيقة من مراجع ومذكرات وكتب سياسية أذكرها عادة في هوامش المقال، او في متنه. وبعد مرحلة جمع المعلومات الوافية عن المسألة التي اريد الكتابة عنها، أضع تخطيطا للعمل لكي أتبين الحجم الذي أحتاجه لإنجاز مادة المقال، والمنهجية التي عليّ اتباعها في تركيبه وتكوينه. وبعد التخطيط الدقيق، أشرع في الكتابة، وهي تحتاج دوما إلى التدقيق، والمراجعة اللغوية، وتمتين الصياغة، وتجويد العبارات و المفردات، واستبدال بعض المعاني بأخرى أنسب وأجمل. وحين أكملُ هذه المراحل كلها، أراجع المقال مراجعة نهائية، ثم أرسله لهيئة من المحرّرين للإطلاع عليه، واختيار الصور المناسبة لمادته، ونشره في الجريدة.

 

طقوس الكتابة:

هل لديك طقوس معينة او محددة للكتابة؟

ليس لي طقس خاص للعمل، لكن أحتاج إلى جوّ من الهدوء لكي أتمكن من البحث، والاستقصاء، والكتابة. وفي أحيان كثيرة، يتعيّن عليّ أن أعزل نفسي بعيدا عن المحيطين بي، للحصول على ما أحتاجه من الهدوء والراحة.

قراءاتك:

لمن من الكتاب والمؤلفين تقرأ؟

قراءاتي متنوعة، وبلغات مختلفة. وهي تشمل ميادين عديدة: كالسياسة، والاجتماع، والاقتصاد، والتاريخ، والأدب، والفنون… لذا فإنّ الكتب التي أثرت في تكويني كثيرة.

 

مجالات أخرى لكتاباتي:

 هل تكتب في مجالات أخرى غير المقالة الصحفية؟

أنا أكتب في مجالات متنوعة. وإضافة إلى مقالاتي الصحفية التي تنشر في جريدة ‘الأخبار” اللبنانية، فإنني أنجزت دراسات أكاديمية في مجال الحضارة الإسلامية، بحكم اختصاصي الجامعي. وأكتب أيضا دراسات عن الشؤون التونسية والمغاربية والعربية، وأنشرها في مجلات مختصة مثل مجلة “دراسات مستقبلية”، أو مجلة “الآداب”. كما أنني أكتب الشعر، والرواية، والسيناريو الدرامي.

03870F82-7A85-404A-9B56-C92EE45ABFBA

تأثير كاتب محدد في طريقة كتابتي:

هل تاثرت بكاتب معين في طريقتك في الكتابة؟

اظنّ أنني لست أول من ابتدع طريقة الكتابة التي تمزج بين السرد والتاريخ لحياكة خيوط قصة صحفية مشوقة تجذب انتباه القارئ، فهذا أسلوب معتمد في الصحافة الغربية، منذ زمن طويل. وبعض الكتاب العرب اعتمدوا نفس هذه الطريقة في أعمالهم، أذكر على سبيل المثال، الأساتذة: محمد حسنين هيكل، وأحمد بهاء الدين، وأنيس منصور، وموسى صبري، وإبراهيم عيسى، وحسن العلوي، وسليم اللوزي…

 

واقع الصحافة العربية:

ما رأيك بواقع الصحافة العربية في مجال الأخبار والتحليلات والمقالات، وهل عندك اقتراحات كبدائل؟

واقع الصحافة العربية مشابه لواقع السياسة العربية. فالتبعية، وغياب الحريات، والقمع، والتسلط، والفساد، والتعصب، وقلة الكفاءة والموهبة والإمكانيات… كلها أمراض تنخر جسد الصحافة العربية. والصحافة تحتاج لكي تنمو إلى مناخ من الحرية، والاستنارة، والنزاهة والمعرفة… وبغياب هذه الأسس فإنّ الصحافة تفقد رسالتها وسلطانها ومصداقيتها.

 

كلمة أخيرة؟

أشكر القائمين على موقع “الصباحية” على اهتمامهم بما أكتبه. وأحيي قراءكم. وأتمنى للجميع التوفيق والنجاح والرقي والتقدم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى